إذن: فالحق سبحانه إنما يحفظ الحياة بهؤلاء الذين ينهون عن الفساد في الأرض؛ لأنهم يعملون على ضوء منهج الله، وهذا المنهج لا يزيد ملكاً لله، ولا يزيد صفة من صفات الكمال لله، لأنه سبحانه خلق الكون بكل صفات الكمال فيه، ومنهجه سبحانه إنما يُصلح حركة الحياة، وحركة الأحياء.
وهكذا يعود منهج السماء بالخير على مخلوقات الله، لا على الله الذي كوَّن الكون بكماله.
فكما رفع الحق سبحانه السماء بلا عمد، وجعل الأمور مستقرة متوازنة؛ فلكم أن تعدلوا في الكون في الأمور الاختيارية بميزان دقيق؛ لأن اعوجاج الميزان إنما يفسد حركة الحياة.
ومن اعوجاج الميزان أن يأخذ العاطل خير الكادح، ويرى الناس العاطل، وهو يحيا في ترفٍ من سرقة خير الكادح، فيفعلون مثله، فيصير الأمر إلى انتشار الفساد.