للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لأن الحق تبارك وتعالى أثبت لنفسه طلاقة القدرة في تسخير أجناس لمراده؛ بحيث لا تخرج عنه، وذلك يثبت لله سبحانه القدرة ولا يثبت له المحبوبية.

أما الذي يثبت له المحبوبية فهو أن يخلق خَلْقاً؛ ويعطيهم في تكوينهم اختياراً.

ويجعل هذا الاختيار كلَّ واحدٍ فيهم صالحاً أن يطيع، وصالحاً أن يعصي، فلا يذهب إلى الإيمان والطاعة إلا لمحبوبية الله تعالى.

وهكذا نعلم أن الكون المسخَّر المقهور قد كشف لنا سَيَّال القدرة، والجنس الذي وهبه الله الاختيار إن أطاع فهو يكشف لنا سيال المحبوبية.

والحق سبحانه هو القائل:

{فَمَن شَآءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَآءَ فَلْيَكْفُرْ} [الكهف: ٢٩] .

ولكن أيُترك الإنسان حتى يأتي له الغرور في أنه يملك الاختيار دائماً؟

لا. . فمع كونك مختاراً إياك أن تغتر بهذا الاختيار؛ لأن في طيِّك قهراً، وما دام في طيك قهر فعليك أن تتأدب؛ ولا تتوهَّم أنك مختار في أن تؤمن بالله أو لا تؤمن؛ ولا تتوهم أنك مُنفلت من قبضة الله تعالى فهو يملك زمامك في القهريات التي تحفظ لك

<<  <  ج: ص:  >  >>