ويخرجون جثثا من تحت الأنقاض، إن كل ذلك سببه أكل المال بالباطل. ولقد نظر الشاعر أحمد شوقي في هذه المسألة، وجعل الأخلاق والدين من المبادئ فقال:
وليس بعامر بنيان قوم ... إذا أخلاقهم كانت خرابا
وأنا أقترح على الدولة أن تعد سجلا محفوظا لكل عمارة يتم بناؤها، ويُحفظ في هذا السجل اسم ممولها، والمهندس الذي أشرف على بنائها، وكذلك أسماء عمال البناء، وعمال التشطيب، والأعمال الصحية والكهربائية وكافة العمال الذين شاركوا في بنائها. ويُحفظ كل ذلك في ملف خاص بالعمارة، وعندما يحدث أي شيء يأتون بهؤلاء، كل في تخصصه ويحاسبونهم على ما قصروا فيه من عمل، وإلا فإن أرواح الناس ستذهب سدي؛ فكل إنسان منا له فرصة في هذه الحياة وعليه ألا يطغى على نصيب غيره.
وهب أننا نأخذ سلعة «بطابور» حتى لا يتقدم أحد على دور الآخر، وقد جاء الأول في «الطابور» من الساعة السابعة صباحاً وأخذ دوره، وجاء آخر متأخرا بعد أن نام واستراح ثم قضى جميع مصالحه وذهب للجمعية ووجد الصف طويلا، فنظر حوله إلى شخص يتخطى هذا «الطابور» ؛ وأعطاه مبلغا من المال سهل له قضاء حاجته، مثل هذا الإنسان تعدى على حقوق كل الواقفين في «الطابور» .
وقد يقول: أنا أخذت مثلما يأخذون، نقول له: لا؛ لقد أخذت زمن غيرك ولا يصح أن تأتي آخر الناس وتأخذ حق الشخص الذي وقف في «الطابور» من السابعة صباحا. إن حقك مرتبط بزمنك، فلا تعتد على وقت الآخرين الذين هم أضعف منك قدرة أو مالاً. إن الحق يقول:{وَلاَ تأكلوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بالباطل وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى الحكام لِتَأْكُلُواْ فَرِيقاً مِّنْ أَمْوَالِ الناس بالإثم وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} . والفريق هو الجماعة المعزولة من جماعة أكثر عددا، فإذا ما انفصلت جماعة صغيرة عن أناس بهذه الجماعة تُسمى فريقاً.