لا يسير في نفس الطريق المشقوق بأمر الله عبر معجزة ضرب البحر بالعصا، وأراد موسى عليه السلام أن يضرب البحر ضربة ثانية ليعود البحر إلى حالة السيولة مرة أخرى، فيقول له الله سبحانه:{واترك البحر رَهْواً إِنَّهُمْ جُندٌ مُّغْرَقُونَ}[الدخان: ٢٤] .
أي: أتركه على ما هو عليه؛ لينخدع فرعون ويسير في الطريق اليابسة، ثم يعيد الحق سبحانه البحر كما كان، وبذلك أنْجَى الحق سبحانه وأهْلَكَ بالشيء الواحد؛ وهذه لا يقدر عليها غير الله سبحانه وتعالى وحده.
وهكذا يَهَبُ الحق سبحانه المؤمنين به القدرة على تحدي الكافرين. والإيمان كله معركة من التحدي؛ تحدٍّ في صدق الرسول كمبلِّغ عن الله، ومعه معجزة تدل على رسالته، وتحدٍّ في نصرة الرسول ومَنْ معه من قلة مؤمنة؛ فيغلبون الكثرة الكافرة.
والحق سبحانه يقول:{كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ الله والله مَعَ الصابرين}[البقرة: ٢٤٩] .
وهكذا يشيع التحدي في معارك الإيمان.
وقد تميِّز كل رسول بمعجزة يتحدى بها أولاً؛ ثم ينتهي دورها؛ لينزل له بعدها منهج من السماء؛ ليبشِّر به قومه، لكن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ