وكلمة:{غيابت الجب}[يوسف: ١٠] ، أي: المنطقة المخفية في البئر؛ وعادة ما تكون فوق الماء؛ وما فيها يكون غائباً عن العيون.
ولسائل أن يقول: وكيف يتأتَّى إلقاؤه في مكان مَخْفيٍّ مع قول أحد الإخوة: {يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السيارة}[يوسف: ١٠] .
ونقول: إن في مثل هذا القول تنزيلاً لدرجة الشر التي كانت مُتوقِّدة في اقتراح بعضهم بقتل يوسف؛ وفي هذا الاقتراح تخفيض لمسألة القتل أو الطّرْح أرضاً.
وبعد ذلك عاد القائل لحالته العادية، وصَحَتْ فيه عاطفة الأخوة؛ وقال:
{إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ}[يوسف: ١٠] ، أي: أنه توقع عدم رفضهم لاقتراحه.
وهكذا يشرح لنا الحق سبحانه كيف تمَّتْ تصفية هذه المسألة؛ فلم يقف صاحب هذا الرأي بالعنف ضد اقتراح إخوته بقتل يوسف أو طَرْحه في الأرض؛ بل أخذ يستدرجهم ليستلَّ منهم ثورة الغضب؛ فلم يَقُلْ لهم «لا تقتلوه» ، ولكنه قال:«لا تقتلوا يوسف» .