والوارد الإلهي لا يجد له معارضة في النفس البشرية، وقد أوحى الله ليوسف ما يُؤنِسُ وحشته حين ألقاه إخوته في الجُبِّ الذي ابتعد فيه عن حنان أبيه وأنسه بأخيه، ومفارقته لبلده التي درج فيها وأُنْسه بالبيئة التي اعتاد عليها.
فكان لا بُدَّ أن تعطيه السماء دليلاً على أن ما حدث له ليس جَفْوة لك يا يوسف؛ ولكنه إعداد لك لتقابل أمراً أهمَّ من الذي كنت فيه؛ وأن غُرمَاءك وهم إخوتك سوف يُضطَّرون لدقِّ بابك ذات يوم يطلبون عَوْنك، ويطلبون منك أقواتهم، وستعرفهم أنت دون أن يعرفوك.
هذا من جهة يوسف؛ وجهة الجُبِّ الذي ألقوْه فيه، وبقي أن تعالج القصة أمر الإخوة مع الأب، فيقول الحق سبحانه بعد ذلك:{وجآءوا أَبَاهُمْ ... } .