للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وتأتي تلك الآيات في مواقع قد يكون ما قبلها نثراً، مما يدلُّ على أن النغم الذي قاله الله نَظْماً أو شعراً أو نثراً لا نشاز فيه، ويكاد أن يكون سَيْلاً واحداً.

وهذا لا يتأتَّى إلا من كلام الحق تبارك وتعالى، وأنت لن تشعر بهذا الأمر لو لم يُنبِّهْك أحد لِمَا في بعض الآيات من وزن شعري.

أما كلام البشر؛ فأنت إنْ قرأتَ الموزون؛ ثم انتقلت إلى المنثور؛ أحسَّتْ أُذنك بهذا الانتقال؛ ونفس المسألة تشعر بها حين تقرأ المنثور، ثم تنتقل إلى الموزون؛ وستشعر أذنك بهذا الانتقال.

{قَالَتْ فذلكن الذي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فاستعصم} [يوسف: ٣٢] .

قالت ذلك بجراءة مَنْ رأت تأثير رؤيتهن ليوسف، وأعلنت أنه» استعصم «، وهذا يعني أنه قد تكلَّف المشقة في حجز نفسه عن الفعل، وهو قول يثبت أن رجولة يوسف غير ناقصة، فقد جاهد نفسه لِيكبتَها عن الفعل.

ويتابع الحق سبحانه ما جاء على لسان امرأة العزيز:

{وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَآ آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُوناً مِّن الصاغرين} [يوسف: ٣٢] .

قالت ذلك وكأنها هي التي تُصدِر الأحكام، والسامعات لها هُنَّ من أكبرْنَ يوسف لحظة رؤيته؛ تعلن لهُنَّ أنه إن لم يُطِعْها فيما

<<  <  ج: ص:  >  >>