أي: أنه سبحانه قد أعدَّ الجنة بما يفوق خيال البشر؛ وبمُطْلق صفات المغفرة والرحمة، وإذا كان المَوْلى عَزَّ وجَلَّ هو الذي يعدّ؛ فلا بُدَّ أن يكون ما أعدَّه فوق خيال البشر.
وقلت لإخواني الذين بُهروا بفندق رَاقٍ في سان فرانسيسكو: إن الإنسان حين يرى أمراً طيباً، أو شيئاً رَاقِياً، أو جميلاً عند إنسان آخر سيستقبلها بواحد من استقبالين: تظهر نَفسه فيه؛ فإن كان حَقُوداً فسينظر للأشياء بكراهية وبحقد، وإنْ كان مؤمنا يفرح ويقول:
هذه النعمة التي أراها تزيد من عِشْقي في الجنة؛ لأن تلك النعمة التي أراها قد صنعها بشر لبشر؛ فماذا عن صُنْع الله للجنة؟ وهو مَنْ خلق الكون كله بما فيه من بشر؟
ودائماً أقول: ما رأيتُ نعيماً عند أحد إلا ازداد إيماني، بأن الذي أراه من نعمة قد أعدَّه البشر للبشر؛ فما بالنا بما أعدَّه خالق البشر للمؤمنين من البشر؟
أما مَنْ ينظر نظرةَ حِقْد إلى النعمة عند الغير؛ فهو يحرم نفسه من صَبابة النعمة عند الغير؛ لأن النعمة لها صَبابة عند صاحبها، وتتعلق به، وإن فرحتَ بالنعمة عند إنسان؛ فثِقْ أن النعمة ستطرق بابك، وإن كرهتها عند غيرك؛ كرهتْ النعمة أن تأتي إليك.
فإنْ أردتَ الخير الذي عند غيرك؛ عليك أن تحب النعمة التي عند هذا الغير؛ لتسعى النعمة إليك؛ دون أن تتكلف عبء إدارة هذه النعمة أو صيانتها؛ لأنها ستأتي إليك بقدرة الحق سبحانه.
وقَوْل يوسف عليه السلام في هذه الآية التي نحن بصدد خواطرنا عنها: