وكان يستطيع أن يقول لهم ما حدث له من عمَّته التي اتهمته بالباطل أنه سرق؛ لتحتفظ به في حضانتها من فَرْط حُبِّها له، لكن يوسف عليه السلام أراد أن يظل مجهولاً بالنسبة لهم، لتأخذ الأمور مجراها:
حدث ذلك رغم أن قولهم قد أثَّر فيه، ولكن قال رأيه فيهم لنفسه:
{أَنْتُمْ شَرٌّ مَّكَاناً والله أَعْلَمْ بِمَا تَصِفُونَ}[يوسف: ٧٧] .
لأنكم أنتم مَنْ أخذتموني طفلاً لألعب؛ ثم ألقيتموني في الجب؛ وتركتم أبي بلا موانسة.
. وأنا لم أسرق بل سُرِقت، وهكذا سرقتم ابناً من أبيه.
وهو إنْ قال هذا في نفسه فلا بُدَّ أن انفعاله بهذا القول قد ظهر على ملامحه، وقد يظهر المعنى على الملامح، ليصِلَ إليهم المعنى، والقول ليس إلا ألفاظاً يصل به مدلول الكلام إلى مُسْتمع.