نعرف أن هناك حجِّا أكبر، وحجِّا ثانيا كبيراً. ولذلك فآية {وَللَّهِ عَلَى الناس حِجُّ البيت} جاءت بالبيت المحرم، وهو القدر المشترك في الحج والعمرة. ونعرف أن الحج الأكبر هو الحج الذي يقف فيه المسلم بعرفة؛ لأن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قال:«الحج عرفة» . وهو الحج الأكبر؛ لأن الحشد على عرفة يكون كبيراً، وهو يأتي في زمن مخصوص ويُشترط فيه الوقوف بعرفة.
إذن قوله تعالى:{وَللَّهِ عَلَى الناس حِجُّ البيت} الحج هو القصد إلى مُعظّم وهو {حِجُّ البيت} ، أما العمرة فهي الحج الكبير وزمانها شائع في كل السنة، والقاصدون للبيت يتوزعون على العام كله. وذلك قد ثبت بالتشريع بقوله سبحانه:{وَللَّهِ عَلَى الناس حِجُّ البيت} .
وما دام جاء بالأمر المشترك في قوله: حج البيت فهو يريد الحج الأكبر والحج الكبير.
والحق سبحانه وتعالى يخاطب عباده ويعلم أن بعض الناس سيقبلون على العبادات إقبالاً شكلياً، وقد يقبلون على العبادة لأغراض أخرى غير العبادة، فكان لابد أن يبين القصد من الحج والعمرة، وأن المطلوب هو إتمامهما، ولابد أن يكون القصد لله لا لشيء آخر، لا ليقال «الحاج فلان» ، أو ليشتري سلعاً رخيصة ويبيعها بأغلى من ثمنها بعد عودته.
ونحن نعلم أن الحج هو العبادة الوحيدة التي يستمر اقترانها بفاعلها، فمثلاً لا يقال:«المصلى فلان» ولا «المزكي فلان» ، فإن كان الحاج حريصاً على هذا اللقب، وهو دافعه من وراء عبادته فلا بد ألا يخرج بعبادته عن غرضها المشروعة من أجله، إن الحق يقول:{وَأَتِمُّواْ الحج والعمرة للَّهِ} . وكلمة «لله» تخدمنا في قضايا متعددة، فما هي هذه القضايا؟
إن المسلم عندما يريد أن يحج لله فلا يصح أن يحج إلا بمال شرع الله وسائله. كثير من الناس حين يسمعون الحديث الشريف: «