ونَصِفُ الدَّمْعة بأنها «عَبْرة» ؛ والحزن المدفون في النفس البشرية تدل عليه الدَّمْعة.
وهنا قال الحق سبحانه:{لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُوْلِي الألباب ... }[يوسف: ١١١]
والعِبْرة قد تمرُّ، ولكن لا يلتفت إليها إلا العاقل الذي يُمحِّص الأشياء، أما الذي يمرُّ عليها مُرور الكرام؛ فهو لا يستفيد منها.
و «أولو الألباب» هم أصحاب العقول الراجحة، و «الألباب» جمع «لُبّ» . واللب: هو جوهر الشيء المطلوب؛ والقَِشْر موجود لصيانة اللُّبِّ، وسُمِّي العقل «لُبّاً» لأنه ينثرُ القشور بعيداً، ويعطينا جوهر الأشياء وخيرها.
ويتابع الحق سبحانه:{مَا كَانَ حَدِيثاً يفترى ولكن تَصْدِيقَ الذي بَيْنَ يَدَيْهِ ... }[يوسف: ١١١]
أي: أن ما جاء على لسانك يا محمد وأنزله الحق وَحْياً عليك ليس حديث كَذبٍ مُتعمَّد؛ بل هو الحق الذي يطابق الكتب التي سبقتْه.
ويُقال:«بين يديك» أي: سبقك؛ فإذا كنت تسير في طابور؛ فَمَنْ أمامك يُقال له «بين يديك» ، ومَنْ وراءك يُقال له «مَنْ خلفك» .
والقرآن قد جاء ليصدق الكتب التي سبقتْه؛ وليست هي التي تُصدِّق عليه؛ لأنه الكتاب المهيمن، والحق سبحانه هو القائل: