فالسائل الذي في باطن الأرض ينتقل من المنطقة التي زاد عليها الثقل إلى المنطقة التي خَفَّ من فوقها الثقل ليتحقق التوازن، ولو لم يحدث ذلك لَتسَاقطتْ العمارات الشاهقة التي نراها أثناء دوران الأرض.
والمَثَلُ الذي يُوضِّح ذلك أنك لو وضعتَ قطعة من العجين على سطح بطيخة أو كرة، وجعلت البطيخة أو الكرة في حالة دوران لَطردتْ الكرة أو البطيخة قطعة العجين من على سطحها.
وقد شرح العلماء في «علم الحركة» ذلك فقالوا: إن كل شيء مستدير يتحرك؛ إنما تنشأ عن حركته عملية اسمها الطرد الذاتي؛ لأن قطعة العجين أو أيَّ شيء نضعه على شيء مستدير يتحرك تكون له كثافة وثقل على المنطقة التي يوجد فيها، ويصل هذا الثقل إلى المركز، ولكي تستمر الحركة الدائرية متوازنة لابد أن يطرد الشيء المستدير ما فوقه من ثُقْل زائد.
ولذلك شاء الحق سبحانه أن يجعل نِصْفي الكرة الأرضية من أي موقع تتخيله، متساوياً في الوزن مع النصف الآخر، ومهما أخذتَ من مواد ونقلتَها من موقع إلى آخر، فالوزن يتعادل نتيجة لحركة السوائل التي في بطن الأرض.
وهذا يدلُّ على عظمة الخالق الذي خلق بتدبير دقيق، ويكفي أن ننظر إلى عظمة الحق الذي لم يجعل الجبال رواسيَ ليمنع الأرض من أنْ تميدَ بنا، بل جعل في الجبال والصحاري ما استنجدنا به حين ضاقت الأرض بنا؛ فذهبنا إلى الجبال؛ لنستخرج منها المواد الخام؛ ونُصدِّرها؛ ثم نشتري بثمنها القمح.