وانظر إلى قول الحق سبحانه:{قُلْ إِنَّمَآ أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ الله ولا أُشْرِكَ بِهِ ... }[الرعد: ٣٦]
وهذا القول دليلٌ على أن هؤلاء المُغيّرين في الكتب السماوية أو الذين أنكروا وحدانية الله؛ هؤلاء جاء لهم بالقول الفَصْل:{إِنَّمَآ أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ الله ... }[الرعد: ٣٦]
أي: أنه يُقِر بأن هناك ديناً قد اُختِير له من قِبَل مُرَبٍّ؛ ولم يَختَرْ محمد شيئاً أعجبه ليعبده، ولكنه كرسول من الله يَشْرُف بالانتماء لما جاءه الأمر به من السماء، وهو لا يشرك به أحد.
ونجد الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يتعصَّب لِمَا يتعلق بربه؛ وقد يتهاون بما يتعلق بشخصه.
ولذلك وجدنا بعض الملاحدة وقد قالوا له: نحن نؤمن بالله وبالسماء والوحي وبكل شيء، لَكِنّا لا نؤمن بك أنت، ولم يغضب رسول الله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ، ولو كان يُدخِل ذاته أو أنانيته في الأمر لَغضِب، ولكنه لم يغضب.
والدليل على هذا هو أن مواجيده صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ كانت مع الروم المؤمنين بكتاب سماوي ضد المشركين الذين لا يؤمنون بدين سماوي وهم الفُرْس؛ وحزن صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ حين غُلبت الروم، فنزل إليه القول الحق بنبأ النصر القادم في بِضْع سنين؛ تسليةً له صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ:{الم غُلِبَتِ الروم في أَدْنَى الأرض وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الأمر مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ المؤمنون بِنَصْرِ الله يَنصُرُ مَن يَشَآءُ وَهُوَ العزيز الرحيم}