للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أدْنَى، ومثل ذلك أمر معروف في الحِسِّيات، وهو معروف أيضاً في المعنويات.

بل وقد يكون هذا الشيء لم يَصِل إلى السماء؛ ولكنه في الأرض، ومع ذلك يقول فيه الحق سبحانه: {وَأَنزَلْنَا الحديد فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ ... } [الحديد: ٢٥]

وهو إنزالٌ، لأنه أمر من تدبير السماء، حتى وإنْ كان في الأرض: {وكذلك أَنزَلْنَاهُ حُكْماً عَرَبِيّاً ... } [الرعد: ٣٧]

والحكم هو المُعْنى، والمقصود بالإنزال هنا هو القرآن، وهو كتاب؛ والكتاب مَبْنى ومَعْنى، وشاء الحق سبحانه هنا أن يأتي بوصف المبالغة ليأتي الوصف وكأنه الذات، أي: أنه أنزل القرآن حُكْماً؛ وهذا يعني أن القرآن في حَدِّ ذاته حكم.

وأنت حين تصف قاضياً يحكم تمام العدل؛ لا تقول «قَاضٍ عادلٌ» بل تقول «قََاضٍ عَدْل» أي: كأن العدل قد تجسم في القاضي؛ وكأن كل تكوينه عدل. والحق سبحانه هنا يوضح أن القرآن هو الحكم العدل، ويصفه بأنه: {حُكْماً عَرَبِيّاً ... } [الرعد: ٣٧]

لأن اللسان الذي يخاطب به الرسول القوم الذين يستقبلون بآذانهم ما يقوله لهم لابد أن يكون عربياً.

<<  <  ج: ص:  >  >>