والحق سبحانه حين يُورِد حُكْماً فبالقرآن؛ وهو الذي حفظ هذا القرآن؛ فلن تأتي أيُّ قضية كونية لتنسخ الحكم القرآني.
وأنت إذا استقرأتَ مواكب الرسل كلها تجد هذه القضية واضحة تماماً؛ كما أثبتها الحق سبحانه في القرآن المحفوظ؛ وما حفظه سبحانه إلا لوثوقه بأن الكونيات لا يمكن أن تتجاوزه.
وبالفعل فقد مكرتْ كُلُّ أمة برسولها؛ ولكن الحق سبحانه له المكر جميعاً؛ ومَكْر الله خَيْرٌ للبشرية من مَكْر كل تلك الأمم؛ ومَكْره سبحانه هو الغالب، وإذا كان ذلك قد حدث مع الرسل السابقين عليك يا رسول الله؛ فالأمر معك لابُدَّ أنْ يختلفَ لأنك مُرْسَلٌ إلى الناس جميعاً، ولا تعقيبَ يأتي من بعدك.
وكُلُّ تلك الأمور كانت تطمئنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ؛ فلابُدَّ من انتصاره وانتصار دعوته؛ فسبحانه محيط بأيِّ مَكْر يمكره أيُّ كائن؛ وهو جَلَّ وعلاَ قادر على أنْ يُحبِط كل ذلك.
ويتابع سبحانه في نفس الآية:{ ... يَعْلَمُ مَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ وَسَيَعْلَمُ الكفار لِمَنْ عُقْبَى الدار}[الرعد: ٤٢]
والحق سبحانه يعلم ما يخفي عن الأعين في أعماق الكائنات؛ خَيْر هو أو شَرٌّّ، ويحمي مَنْ شاءَ من عباده من مَكْر الماكرين، ويُنزِل العقاب على أصحاب المَكْر السيء بالرسل والمؤمنين.
ولَسوفَ يعلم الكافرين أن مصيرهم جهنم، وبئس الدار التي يدخلونها في اليوم الآخر؛ فَضْلاً عن نُصْرة رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ في الدنيا وخِزْيهم فيها.