للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والسبب - كما نعلم - أن حدوث الحادث مِن آمرِ به يحتاج إلى فاعل وإلى قابل للفعل.

وسبق أن ضربتُ مثلاً بمَنْ يشرب الشاي؛ فينفخ فيه ليُبرده قليلاً؛ ونفس هذا الإنسان حين يخرج في صباح شتوى فهو ينفخ في يديه لِيُدفئهما، وهكذا ينفخ مرة ليبرد شيئاً؛ وينفخ أخرى مُستدعياً الدفء.

والمسألة ليستْ في أمر النفخ؛ ولكن في استقبال الشاي للهواء الخارج من فَمِك، الشاي أكثر حرارة من حرارة الجسم فيبرد بالنفخ، بينما اليد في الشتاء تكون أكثر برودة من الجسم؛ فتستقبل النفخ لها برفع درجة حرارتها لتتساوى مع حرارة الجسم.

وهكذا تجد أن القرآن واحدٌ؛ لكن المؤمن يسمعه فيفرح به، والكافر يسمعه فيتعب ويرهق منه.

وسبحانه يقول: {وَمِنْهُمْ مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حتى إِذَا خَرَجُواْ مِنْ عِندِكَ قَالُواْ لِلَّذِينَ أُوتُواْ العلم مَاذَا قَالَ آنِفاً ... } [محمد: ١٦] .

وهكذا نجد مَنْ يستقبل القرآن، ولا ينصاع إلى معانيه؛ ونجد مَن يستمع إلى القرآن فيخشع قلبه وينفعل بالاستجابة لِمَا يوُصي به الحق سبحانه.

إذن: عرفنا الآن أن اللغة بدأتْ توقيفية وانتهتْ اصطلاحية؛ فقد أخذنا من الله ما علَّمه لآدم من أسماء؛ وتغيَّرت الألسن من جماعة

<<  <  ج: ص:  >  >>