والمثل في ذلك: الطفل البدويّ الذي شاهد نخيل جيرانه مثمراً بالبلح، ولكن النخلة التي يملكونها غير مثمرة، وتساءل: لماذا؟ وذهب ليقطعها، فلحقه والده ومنعه من ذلك، وقال له: إن نخلتنا هي الذكر الذي يُنتج اللقاح اللازم لبقية النخيل كي تثمر.
ولذلك فأنا لا أوافق المفسرين الذين ذهبوا إلى تفسير قوله الحق:
{كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ ... }[إبراهيم: ٢٤] .
بأنها مثل شجرة التفاح وغيرها من الأشجار المثمرة؛ ذلك أن كل شجرة حتى ولو كانت شجرة حَنْظل فهي طيبة بفائدتها التي أودعها الحق إياها؛ فشجرة الحنظل نأخذ منها دواءً - قد يكون مرير الطَّعْم - لكنه يشفي بعضاً من الأمراض بإذن الله.
ذلك أن كل ما هو موصوف بشجرة له مهمة طيّبة في هذا الكون. وقَوْل الحق سبحانه:
{تؤتي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ ... }[إبراهيم: ٢٥] .
يدلُّنا على أن هناك قدراً مشتركاً بين الشجر كله؛ مثمراً بما نراه من فاكهة أو غير ذلك.
وقد نبهنا العِلْم الحديث إلى أن كل خُضْرة إنما تُنَقِّي الجو بما تأخذ منه من ثاني أوكسيد الكربون، وبما تضيف لنا من أوكسجين؛ وتستمر الخضرة في ذلك نهاراص؛ وتقلب مهمتها بإرسال ثاني أوكسيد الكربون ليلاً وامتصاص الأوكسجين، وكأنها مُبَرْمجة على فَهْم أن النهار يقتضي الحركة.
ويحتاج الكائن الحي فيه إلى المزيد من وقود الحركة وهو الأوكسجين؛ والإنسان أثناء الحركة يستهلك كمية كبيرة من