سَمكٌ من البِلَّور في ... شَبَكٍ تكوَّن من زَبرجَدِ
وحين تبحث في الصورة الكلية لتلك الأبيات من الشعر؛ لن تجدها موجودة في الواقع؛ ولكن الشاعر أوجدها من مُكوِّنات ومُفْردات موجودة في الواقع؛ فالسمك موجود ومعروف؛ والبِلَّور موجود ومعروف؛ وكذلك الشَّبك والزبرجد، وقام الشاعر بنسج تلك الصورة غير الموجودة من أشياء موجودة بالفعل، وهذا هو الخيال الذي يُقرِّب المعنى.
والتوهمُّ يختلف عن الخيال؛ فإذا كان التخيُّل هو تكوين صورة غير موجودة في الواقع من مفردات موجودة في هذا الواقع؛ فالتوهُّم هو صورة غير موجودة في الواقع، ومُكوَّن من مفردات غير موجودة في الواقع.
والحق سبحانه يقول لنا عن الجنة:{وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الأنفس وَتَلَذُّ الأعين ... }[الزخرف: ٧١] .
ويشرح الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ذلك بمذكرة تفسيرية، فيقول:«فيها مَا لا عَيْنٌ رأتْ، ولا أذن سمعتْ، ولا خَطَر على قَلْب بشر» .