للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أي: أنه إذا كانت هناك فضيلة مكتومة نسيها الناس؛ فالحقُّ سبحانه يتيح لها لسانَ حاسدٍ حاقد لِيثُرثر ويُنقِّب؛ لتظهر وتنجلي؛ مثلما يُوضَعُ خشب العود - وهو من أَرْقَى ألوان البخور - في النار، فينتشر عِطْره بين الناس.

وهكذا ضرب الشاعر المَثَل لِيُوضِّح أمراً ما للقارئ أو السامع.

ويقول الشاعر ضارباً المَثل أيضاً:

وإذَا امْرؤٌ مدحَ امْرءاً لِنَوالِه ... وأَطَالَ فِيه فقدْ أطَالَ هِجَاءَهُ

لَوْ لَمْ يُقدِّر فيه بُعْد المُسْتقَى ... عند الوُرودِ لَمَا أطالَ رِشَاءَهُ

والمقاييس العادية تقول: إن المرء حين يمدح أحداً لفترة طويلة، فهذا يعني الرِّفْعة والمجد للممدوح. ولكن حين يقرأ أحدٌ قول هذا الشاعر قد يتعجَّب ويندهش، ولكنه يتوقف عند قول الشاعر أن الماء لو كان قريباً في البئر؛ لأخرجه العطشان بدلو مربوط بحبل قصير؛ ولكن إنْ كان الماء على بُعْد مسافة في البئر فهذا يقتضي حبلاً طويلاً لينزل الدلو إلى الماء.

وهذا يعني أن طول المدح إنما يُعبِّر عن فظاظة الممدوح الذي لا يستجيب إلا بالثناء الطويل؛ ولو كان الممدوح كريماً حقاً لاكتفى بكلمة أو كلمتين في مدحه.

<<  <  ج: ص:  >  >>