وحين تكلَّم المُفسِّرون عن الشجرة الطيبة منهم مَنْ قال إنها النخلة لأن كُلَّ ما فيها خير؛ فورقها لا يسقط، ويبقى دائماً كَظِلٍّ وكل ما فيها يُنتفعَ به.
فنحن - على سبيل المثال - نأخذ جذع النخلة ونصنع منه أعمدة في بيوت الرِّيف، وجريد النخل نصنع منه الكراسي؛ والليف الموجود بين الأفرع نأخذه لنصنع منه الحبال؛ والخوص نصنع منه القُفف.
والذين حاولوا أن يُفسِّروا «الشجرة الخبيثة» بأنها شجرة الحَنْظل، أو شجرة التين، أو شجرة الكُرَّات؛ لكل هؤلاء أقول: لقد خلقها الحق سبحانه لتكون شجرة طيبة في ظروف احتياجنا لها؛ لأنك حين تنظر إلى الكون ستجد أن مِزَاجه مُتنوِّع؛ ومُقوِّمات الحياة ليستْ هي الأكل والشرب فقط؛ بل هناك توازن بيئيّ قد صمّمه الحق تعالى، وهو الأعلم مِنّا جميعاً بما خلق؛ ولم يخلق إلا طَيّباً.
وكل شيء في الكون له عطاء مستمر يُشع في الجو، والمَثَل هو تساقط أوراق الشجر التي تُعيد الخِصْب مرة أخرى إلى الأرض. وكلها أمور يُبديها الحق سبحانه ولا يبتديها، أي: يُظهرها بعد أنْ كانت موجودة أَزلاً ومَخفية عَنَّا.
وهو جَلَّ وعلاَ يرفع قوماً ويَخفِض قوماً؛ وهو القائل عن ذاته:{كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ}[الرحمن: ٢٩] .
وكلُّنا نعلم أن اليوم عند منطقة ما يبدأ في توقيت مُعيّن، وينتهي في توقيت مُعين؛ وتختلف المناطق الجغرافية وتختلف معها