ولقائل أنْ يقول: ما دام الحق سبحانه قد قال إن هناك شجرةً خبيثة؛ فلا بُدَّ أن تُوجَد تلك الشجرة، وأقول: إن كُلَّ ما يضرُّ الإنسان في وقت ما هو خبيث؛ فالسكر مثلاً يكون خبيثاً بالنسبة لمريض بالسكر؛ وكل كائن فيه حسناتٌ مفيدة؛ وله جانب ضَارّ في حالات معينة؛ وعلى الإنسان المختار أن يُميِّز ما يضرُّه وما ينفعه.
ونلحظ هنا في وَصْف الكلمة الخبيثة بأنها كالشجرة الخبيثة؛ أن الحق سبحانه لم يَقُلْ إن تلك الشجرة الخبيثة لها فَرْع في السماء؛ ذلك أنها مُجْتثة من الأرض؛ مُخْلخلة الجذور؛ فلا سَند لها من الأرض؛ ولا مددَ لها من السماء.
ولذلك يَصِفها الحق سبحانه:
{مَا لَهَا مِن قَرَارٍ}[إبراهيم: ٢٦] .
أي: ما لها من ثبات أو قيام، وكذلك الكُفْر بالله؛ ومَنْ يكفر لا يصعد له عمل طيّب، فلا أساسَ يصعد به العمل أو القول الطيب. ولهذا وصفت الشجرة الخبيثة بصفات ثلاث، أولها: أنها شجرة خبيثة وثانيها: أنها عديمة الأصل بغير ثبات، وثالثها: ما لها من قرار لعدم ثبات الأصل.
ثم يبين الله جل علاه متحدثاً عن حصاد الحالتين، فالأولى: أمن وأمان في الدنيا والآخرة. والحالة الثانية: ظلم بضلال، وقلق بضنك، وفي الآخرة لهم عذاب أليم.