للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أي: أنهما لا يأتيان معاً أبداً؛ فالليل في بلد ما يقابله نهار في بلد آخر.

وهكذا أثبتَ لنا الدأبَ في الحركة؛ فكُلٌّ منهما يأتي عَقِب الآخر؛ وقد جعل الحق سبحانه ذلك من أول لحظة في الخَلْق؛ وكانا لحظة الوجود خِلفْة، كل منهما يأتي من بعد الآخر؛ فكأن الكون حين خلقه الله؛ وجعل الشمس في مواجهة الأرض، صار الجزء المواجه للشمس نهاراً؛ والجزء غير المواجه لها صار ليلاً.

ثم دارت الأرض؛ ليأتي الجزء الذي كان غير مُواجِه للشمس؛ في مواجهتها؛ فصار ليلاً، وذهب الجزء الذي كان في مواجهتها، ليكون مكان الجزء الآخر فصار ليلاً، وهكذا شاء سبحانه أن يكون كل منهما خَلْف الآخر.

وهكذا تكلم الحق سبحانه عن حَصْر بعضٍ من نعمة الكلية علينا نحن العباد، سماء، وأرض، وماء ينزل، وثمرات تنبت من الأرض، وكذلك سخَّر لنا الشمس والقمر، والليل والنهار، وهذا ما يُسمَّى تعديد لبعض النعم.

ونجد واحداً من الصالحين يقول عن نعم الله «أَعد منها ولا أعددها» . فكأن الله ينبهنا إلى أصول النظام الكوني الأعلى، ثم فتح المجالِ لِنعَمٍ أخرى لن يستطيع أحد أنْ يُحصِيها.

<<  <  ج: ص:  >  >>