للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولا يتبع هوى الآخرين، والحق سبحانه يريد أن يعصمنا من الأهواء لذلك قال لنا: {ادخلوا فِي السلم كَآفَّةً} أي ادخلوا في كل صور الإسلام، حتى لا يأتي تناقض الأهواء في المجتمع.

وكن أيها المؤمن في سلم مع نفسك فلا يتناقض لسانك مع ما في قلبك، فلا تكن مؤمن اللسان كافر القلب. كن منسجماً مع نفسك حتى لا تعاني من صراع الملكات. وأيضاً كن داخلاً في السلام مع الكون الذي تعيش فيه، مع السماء، مع الأرض، مع الحيوان، مع النبات. كن في سلم مع كل تلك المخلوقات لأنها مخلوقة مسخرة طائعة لله، فلا تشذ أنت لتغضبها وتُحْفِظها عليك.

كن منسجماً مع الزمن أيضاً، لأن الزمن الذي يحدث فيه منك ما يخالف منهج الله سيلعنك هو والمكان، وإذا أردت أن تشيع سلامك في الكون فعليك كما علمك الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أن تسالم كل الكون، وكان الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يشيع السلام في الزمان والمكان، وعلى سبيل المثال كان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أكثر الناس صياماً في شعبان، ولما سأله الصحابة عن هذا أخبرهم أن شعبان شهر يهمله الناس لأنه بين رجب، وهو من الأشهر الحرم الأربعة وبين رمضان، فأحب أن يحيى ذلك الشهر الذي يغفل عنه الناس، فكأن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أراد أن يسعد الزمان بأن يشيع فيه لونا من العبادة فلا يجعله أقل من الأزمنة الأخرى.

كذلك الأمكنة تريد أن تسعد بك، فكل الأماكن تسعد بذكر الله فيها. والحق سبحانه بعد أن أمرنا جميعاً بالدخول في السلم بافعل ولا تفعل، حذرنا من اتباع الشيطان لأنه هو الذي يعمل على إبعادنا عن منهج الله فقال جل شأنه: {وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشيطان إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ} [البقرة: ٢٠٨]

ولماذا لا نتبع خطوات الشيطان؟ لأن عداوته للإنسان عداوة مسبقة، وقف من

<<  <  ج: ص:  >  >>