والاستغلال والتحكُّم في الغير؛ فكُلُّ ذلك ظُلْم للمجتمع؛ وفوق ذلك ظُلْم للنفس؛ لأن مَنْ يفعل ذلك قد يأخذ متعة بسيطة؛ ويحرم نفسه من متعة كبيرة؛ هي متعة الحياة في ظِلِّ منهج الله، وينطبق عليه قول الحق الرحمن:{وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ ولكن كانوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ}[النحل: ١١٨] .
وفوق ظُلْم النفس وظُلْم المجتمع هناك ظُلْم يمارسه هذا النوع من البشر ضد الكون كُلِّه فيما دون الإنسان؛ من جماد وحيوان ونبات؛ ذلك أن الإنسانَ حين لا يكون على منهج خالقه؛ والكون كله مُسخَّر لمنهج الخالق؛ فلن يرعى الإنسانُ ذلك في تعامله مع الكون، وسبحانه القائل:{وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ ... }[الإسراء: ٤٤] .
حين يُسبِّح كل ما في الكون يشذّ عن ذلك إنسانٌ لا يتبع منهج الله؛ فالكون كله يكرهه، وبذلك يظلم الإنسان نفسه ويظلم الكون أيضاً.
وهكذا عرفنا ظُلْم القمة في إنكار الألوهية؛ أو الشرك به سبحانه، أو توهُّم أنه من أجزاء، وظُلْم نزع الكمال عن الرسول؛ وهو الواسطة التي جاءت بخبر الإيمان؛ وظُلْم الكون كله؛ لأن الكون بكل أجناسه مُسبّح لله.
وقول الحق سبحانه:
{وَلاَ تَحْسَبَنَّ الله غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظالمون. .}[إبراهيم: ٤٢] .