للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كلام الله بجماع تفكيره، وأن يكون القرآن كله حاضراً في ذهنك، ويخدم بعضه بعضا.

{كَانَ الناس أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ الله النبيين} . فقبل بعث الله النبيين كان الناس أمة واحدة يتبعون آدم، وقد بلغ الحق آدم المنهج بعد أن اجتباه وهداه، وعلم آدم أبناءه منهج الله، فظل الناس من أبنائه على إيمان بعقيدة واحدة، ولم ينشأ عندهم ما يوجب اختلاف أهوائهم، فالعالم كان واسعاً، وكانت القلة السكانية فيه هي آدم وأولاده فقط، وكان خير العالم يتسع للموجودين جميعا. إذن لا تطاحن على شيء، ومن يريد شيئاً يأخذه، وكانت الملكية مشاعة للجميع؛ لأنه لم تكن هناك ملكية لأحد؛ فمن يريد أن يبني بيتا فله أن يبنيه ولو على عشرين فدانا، ومن يريد أن يأكل فاكهة أو يأخذ ثمراً من أي بستان فله أن يأخذ ما يريد.

والمثال على ذلك في حياتنا اليومية، هناك رب الأسرة الذي يأتي بعشرين كيلو برتقالاً ويتركها أمام أولاده، وكل طفل يريد برتقالة أو أكثر فهو يأخذ ما يريد بلا حرج، لكن لو اشترى رب البيت كيلو برتقالاً واحداً فكل طفل يأخذ برتقالة واحدة فقط.

إذن كان الناس أمة واحدة، أي لم توجد الأطماع، ولم يوجد حب الاستئثار بالمنافع مما يجعلهم يختلفون. إذن فأساس الاختلاف هو الطمع في متاع الدنيا، ومن هنا ينشأ الهوى.

وكان من المفروض في آدم عليه السلام بعد أن بلغه الله المنهج أن يبلغه لأولاده، وأن يتقبل أبناؤه المنهج، ولكن بعض أولاده تمرد على المنهج، ونشأ حب الاستئثار من ضيق المُسْتَأثر والمُنْتَفع به، ومن هنا نشأت الخلافات. ولنا في قصة هابيل وقابيل ما يوضح ذلك: {واتل عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابنيءَادَمَ بالحق إِذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخر قَالَ لأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ الله مِنَ المتقين} [المائدة: ٢٧]

<<  <  ج: ص:  >  >>