للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

منا يريد أن يأخذ غير حقه فلا بد أن ينشأ البغض.

{فَهَدَى الله الذين آمَنُواْ لِمَا اختلفوا فِيهِ مِنَ الحق بِإِذْنِهِ} أي أن الله يهدي الذين آمنوا من كل قوم بالرسول الذي جاء مبشرا ومنذرا وحاملا منهج الحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه. وبذلك يظل المنهج سائداً إلى أن تمضي فترة طويلة تغفل فيها النفوس، وتبدأ من خلالها المطامع ويحدث النسيان لمنهج الله، وتنشأ الأهواء، فيرسل الله الرسل ليعيدوا الناس إلى المنهج القويم، واستمر هذا الأمر حتى جاءت رسالة الإسلام خاتمة وبعث الله سيدنا محمداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ للدنيا كافة، وبذلك ضمن لنا الحق سبحانه وتعالى ألا ينشأ خلاف في الأصل؛ لأننا لو كنا سنختلف في أصل العقيدة لجرى علينا ما جرى على الأمم السابقة. هم اختلفوا فأرسل الله لهم رسلا مبشرين ومنذرين، لكن أمة محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أراد الحق لها منهجا واضحا يحميها من الاختلاف في أصل العقيدة. وإن اختلف الناس من أمة محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فعليهم أن يسترشدوا بالمنهج الحق المتمثل في القرآن والسنة.

ونعرف أن من مميزاته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أنه خاتم الأنبياء بحق، ولن تجد في الموكب الرسالي رسولا أوكل له الله أن ينشئ حكما جديدا لم ينزل في كتاب الله إلا سيدنا محمداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ. لقد أعطى الله سيدنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ التفويض في أن يشرع عن الله؛ في ظل عصمة الله له فقد قال سبحانه: {وَمَآ آتَاكُمُ الرسول فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فانتهوا} [الحشر: ٧]

إنه أمر واضح للمؤمنين بأن يأتمروا بأمر الرسول الكريم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، لأن ما يأمرهم به فيه الصلاح والخير، وأن ينتهوا عما ينهاهم عنه؛ لأنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إنما ينهي عن الأمور التي ليس فيها خير لأمة المسلمين.

ويأمر الحق جل وعلا جماعة المسلمين بطاعة الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لأنها من طاعة الله، فيقول جل وعلا:

<<  <  ج: ص:  >  >>