صعباً عليه سبحانه؛ ذلك أنه قادر أنْ ينزِّل آية من السماء تجعلهم خاضعين؛ مؤمنين؛ لكنه سبحانه يحب أن يأتيه خَلْقُه محبةً، وأن يُحسِنوا استخدام ما وهبهم من خاصية الاختيار.
فسبحانه لا يقهر أحداً على الإيمان به؛ فالإيمان عَمَل قلوب، وسبحانه لا يريد قوالب، وإنما يريد قلوباً خاشعة، ولو شاء سبحانه من خَلْقه أنْ يأتوه طواعية؛ فالقهر من القاهر يُثبِت له القدرة، ولكن أنْ يأتيَ الخَلْق إلى خالقهم طواعية؛ فهذا يُثبت له المحبوبية.
والحق سبحانه يريد أن يكون الإيمان نابعاً من محبوبية العابد للمعبود؛ ولذلك يقول الحق سبحانه لرسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ:
{وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ ... }[الحجر: ٨٨] .
ثم يُوجِّه له الأمر بأنْ يُوجّه طاقة الحنان والمودَّة التي في قلبه إلى مَنْ يستحقها، وهم المؤمنون برسالته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ؛ وعليه أنْ يخفضَ جناحه للمؤمنين.
فكُلُّ حركة من الإنسان هي نزوع يتحرَّك من بعد وُجدْان، والوُجْدان يُولِّد طاقة داخلية تُهيئ للنزوع وتدفع إليه، فإن حزن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لعدم إيمان صناديد قريش برسالته؛ فهذا الحُزْن إنما يخصم ويأخذ من طاقته؛ فيأتيه الأمر من الحق سبحانه أن يُوفِّر طاقته، وأنْ يُوجِّهها لمَنْ آمن به؛ وأن يخفِضَ جناحه لهم.
وخَفْض الجناح هو التواضُع؛ ذلك أن الجناحَ هو الجانب، فحين