العمى على الهدى، أما الذين استجابوا لهداية الدلالة وآمنوا فقد أعانهم الله وأنجاهم؛ لأنهم عرفوا تقواه سبحانه.
ونحن نسمع بعض الناس يقولون: ما دام الله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم فما ذنب الذي لم يهتد؟ نقول: إن الحق يهدي من شاء إلى صراط مستقيم؛ أي يبين الطريق إلى الهداية، فمن يأخذ بهداية الدلالة يزده الله بهداية المعونة وييسر له ذلك الأمر. ونحن نعلم أن الله نفى الهداية عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ في آية، وأثبتها له في آية أخرى برغم أنه فعل واحد لفاعل واحد. قال الحق نافيا الهداية عن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ:{إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ}[القصص: ٥٦]
والحق يذكر للرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ الهداية في موضع آخر فيقول له:{وَإِنَّكَ لتهدي إلى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ}[الشورى: ٥٢]
ومن هنا نفهم أن الهداية نوعان: هداية الدلالة، فهو «يهدي» أي يدل الناس على طريق الخير. وهناك هداية أخرى معنوية، وهي من الله ولا دخل للرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فيها، وهي هداية المعونة.
إذن قوله تعالى:{وَإِنَّكَ لتهدي إلى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} معناها: أنك تدل على الصراط المستقيم، ولكن الله هو الذي يعين على هذه الهداية. {والله يَهْدِي مَن يَشَآءُ إلى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} فعلينا أن نستحضر الآيات التي شاء الله أن يهدي فيها مؤمنا وألا يهدي آخر. ويقول الحق سبحانه:{والله لاَ يَهْدِي القوم الكافرين}[البقرة: ٢٦٤]