وكلنا نتيقن أننا سوف نموت؛ لكِنَّا نُزحزِح مسألة اليقين هذه بعيداً عَنَّا رَغْم أنها واقعةٌ لا محالةَ. فإذا ما جاء الموت، نقول: ها هي اللحظة التي لا ينفع فيها شيء إلا عمل الإنسان إنْ كان مؤمناً مُؤدِّياً لحقوق الله.
ولذلك أقول دائماً: إن اليقين هو تصديق الأمر تصديقاً مؤكداً، بحيث لا يطفو إلى الذهن لِيُناقش من جديد، بعد أن تكون قد علمته من مصادر تثق بصدق ما تَبلغك به.
أما عَيْن اليقين؛ فهي التي ترى الحدث فتتيقّنه، أو هو أمر حقيقيّ يدخل إلى قلبك فَتُصدقه، وهكذا يكون لليقين مراحل: أمر تُصدِّقه تَصديقاً جازماً فلا يطفو إلى الذهن لِيُناقَش من جديد، وله مصادر عِلْم مِمَّنْ تثق بصدقه، أو: إجماع من أناس لا يجتمعون على الكذب أبداً؛ وهذا هو «علم اليقين» ؛ فإنْ رأيتَ الأمر بعينيك فهذا هو حق اليقين.
والمؤمن يُرتِّب تصديقه وتيقّنه على ما بلغه من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ.
وها هو الإمام عليّ كرَّم الله وجهه وأرضاه يقول:«ولو أن الحجاب قد انكشف عن الأمور التي حدثنا بها رسول الله غيباً ما ازددتُ يقيناً» .
«وها هو سيدنا حارثة رَضِيَ اللَّهُ عَنْه يقول:» كأنِّي أنظر إلى أهل الجنة في الجنة يُنعَّمون، وإلى أهل النار في النار يُعذَّبون، فيقول له رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ:«عرفت فالزم» .
وذلك هو اليقين كما آمنَ به صحابة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ.