أي: أن الأمر الذي يُعلنه محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لا يعلم ميعادَه إلا الله سبحانه؛ واطمأنَّ المسلمون.
وكُلُّ حدث من الأحداث كما نعلم يحتاج كُلٌّ منها لظرفيْن؛ ظرْفِ زمانٍ؛ وظرْفِ مكان. والأفعال التي تدلُّ على هذه الظروف إما فِعْل مَاض؛ فظرْفُه كان قبل أن نتكلَم، وفعلٌ مضارع. أي: أنه حَلَّ، إلا إنْ كان مقروناً ب «س» أو ب «سوف» .
أي: أن الفعل سيقع في مستقبل قريب إنْ كان مقروناً ب «س» أو في المستقبل غير المحدد والبعيد إن كان مسبوقاً ب «سوف» ، وهكذا تكون الأفعال ماضياً، وحاضراً، ومستقبلاً.
وكلمة (أتى) تدلُّ على أن الذي يُخبرك به وهو الله سبحانه إنما يُخبِرك بشيء قد حدث قبل الكلام، وهو يُخبِر به، والبشر قد يتكلَّمون عن أشياءَ وقعتْ؛ ويُخبِرون بها بعضَهم البعض.
ولكن المتكلِّم هنا هو الحقُّ سبحانه؛ وهو حين يتكلَّم بالقرآن فهو سبحانه لا ينقص عِلْمه أبداً، وهو علم أَزَليٌّ، وهو قادر على أن يأتيَ المستقبل وَفْق ما قال، وقد أعدَّ توقيت ومكان كُل شيء من قبل أنْ يخلقَ؛ وهو سبحانه خالق من قبل أن يخلق أي شيء؛ فالخَلْق صفة ذاتية فيه؛ وهو مُنزَّه في كل شيء؛ ولذلك قال:
{أتى أَمْرُ الله فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ}[النحل: ١] .
أي: أنه العليمُ بزمن وقوع كُلِّ حدَث، وقد ثبت التسبيح له ذاتاً من قَبْل أن يوجد الخَلْق؛ فهو القائل: