على نمط واحد، إنما يتعدد تكرارها، فمرة يأخذها الإيمان، ثم تأخذها المصائب والأحداث، وتتكرر المسألة حتى يقول الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ والذين آمنوا معه:{متى نَصْرُ الله} ؟
ويأتي بعده القول:{ألا إِنَّ نَصْرَ الله قَرِيبٌ} فهل يتساءلون أولاً، ثم يثوبون إلى رشدهم ويردون على أنفسهم {ألا إِنَّ نَصْرَ الله قَرِيبٌ} أم أن ذلك إيضاح بأن المسألة تتأرجح بين {متى نَصْرُ الله} وبين {ألا إِنَّ نَصْرَ الله قَرِيبٌ} ؟ .
لقد بلغ الموقف في عصر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ من الاختيار والابتلاء إلى القمة، ومع ذلك واصل الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ والذين معه الاستمساك بالإيمان. لقد مستهم البأساء والضراء وزلزلوا، أي أصابتهم رجفة عنيفة هزتهم، حتى وصل الأمر من أثر هذه الهزة أن {يَقُولَ الرسول والذين آمَنُواْ مَعَهُ متى نَصْرُ الله ألا إِنَّ نَصْرَ الله قَرِيبٌ} . إن مجيء الأسلوب بهذا الشكل {متى نَصْرُ الله} يعني استبطاء مجيء النصر أولاً، ثم التبشير من بعد ذلك في قوله الحق:{ألا إِنَّ نَصْرَ الله قَرِيبٌ} . ولم يكن ذلك للشك والارتياب فيه. وهذا الاستبطاء، ثم التبشير كان من ضمن الزلزلة الكبيرة، فقد اختلطت الأفكار: أناس يقولون: {متى نَصْرُ الله} فإذا بصوت آخر من المعركة يرد عليهم قائلا: {ألا إِنَّ نَصْرَ الله قَرِيبٌ} .
وسياق الآية يقتضي أن الذين قالوا:{متى نَصْرُ الله} هم الصحابة، وأن الذي قال:{ألا إِنَّ نَصْرَ الله قَرِيبٌ} هو رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ. ثم ينتقل الحق سبحانه وتعالى بعد ذلك إلى قضية أخرى، هذه القضية شاعت في هذه الصورة وهي ظاهرة سؤال المؤمنين عن الأشياء، وهي ظاهرة إيمانية صحية، وكان في استطاعة المؤمنين ألا يسألوا عن أشياء لم يأتي فيها تكليف إيماني خوفاً من أن يكون في الإجابة عنها تقييد للحركة، ولذلك قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «ذروني ما تركتكم، فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على