للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الماء العَذْب يتسرَّب إلى بطن الأرض، وأنت لو حفرتَ في قاع البحر لوجدتَ ماء عَذْباً، فالحق سبحانه هو الذي شاء ذلك وبيَّنه في قوله: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ الله أَنزَلَ مِنَ السمآء مَآءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الأرض} [الزمر: ٢١] .

وهنا يقول سبحانه:

{وَهُوَ الذي سَخَّرَ البحر لِتَأْكُلُواْ مِنْهُ لَحْماً طَرِيّاً ... } [النحل: ١٤] .

واللحم إذا أُطلِق يكون المقصود به اللحم المأخوذ من الأنعام، أما إذا قُيّد ب «لحم طري» فالمقصود هو السمك، وهذه مسألة من إعجازية التعبير القرآني؛ لأن السمك الصالح للأكل يكون طَرّياً دائماً.

ونجد مَنْ يشتري السمك وهو يَثْني السمكة، فإنْ كانت طريَّة فتلك علامةٌ على أنها صالحةٌ للأكل، وإنْ كانت لا تنثني فهذا يعني أنها فاسدة، وأنت إنْ أخرجتَ سمكة من البحر تجد لحمها طَرِّياً؛ فإنْ ألقيتَها في الماء فهي تعود إلى السباحة والحركة تحت الماء؛ أما إن كانت ميتة فهي تنتفخ وتطفو.

لذلك «نهى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عن أكل السمك الطَّافي لأنه المَيْتة» ، وتقييد اللحم هنا بأنه طريّ كي يخرجَ عن اللحم العادي وهو لَحْم الأنعام؛ ولذلك نجد العلماء يقولون: مَنْ حلفَ ألاَّ يأكل لَحْماً؛ ثم أكل سمكاً فهو لا يحنث؛ لأن العُرْف جرى على أن اللحم هو لَحْم الأنعام.

ويقول الحق سبحانه في نفس الآية عن تسخير البحر:

{وَتَسْتَخْرِجُواْ مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا ... } [النحل: ١٤] .

<<  <  ج: ص:  >  >>