للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الإحسان في الدنيا وهي الأمن.

. فمَنْ عاش في الدنيا مستقيماً لم يقترف ما يُعَاقب عليه تجدْه آمناً مطمئناً، حتى إذا داهمه شر أو مكروه تجده آمنا لا يخاف، لأنه لم يرتكب شيئاً يدعو للخوف.

خُذْ مثلاً اللص تراه دائماً مُتوجِّساً خائفاً، تدور عَيْنه يميناً وشمالاً، فإذا رأى شرطياً هلع وترقَّب وراح يقول في نفسه: لعله يقصدني. . أما المستقيم فهو آمن مطمئن.

ومن ثمرات هذا الإحسان وهذه الاستقامة في الدنيا أن يعيش الإنسان على قَدْر إمكاناته ولا يُرهق نفسه بما لا يقدر عليه، وقديماً قالوا لأحدهم: قد غلا اللحم، فقال: أَرْخِصوه، قالوا: وكيف لنا ذلك؟ قال: ازهدوا فيه.

وقد نظم ذلك الشاعرُ فقال:

وَإِذَا غَلاَ شَيءٌ عَلَيَّ تركْتُه ... فيكونُ أرخصَ ما يكونُ إِذَا غَلاَ

ولا تَقُلْ: النفس توَّاقة إليه راغبة فيه، فهي كما قال الشاعر:

وَالنفْسُ رَاغِبةٌ إِذَا رغَّبْتَها ... وَإِذَا تُرَدّ إلى قَلِيل تَقْنَعُ

وفي حياتنا العملية، قد يعود الإنسان من عمله ولمَّا ينضج الطعام، ولم تُعَد المائدة وهو جائع، فيأكل أيَّ شيء موجود وتنتهي المشكلة، ويقوم هذا محل هذا، وتقنعُ النفسُ بما نالتْه.

ولكي يعيش الإنسان على قَدْر إمكاناته لا بُدَّ له أنْ يوازن بين

<<  <  ج: ص:  >  >>