وكذلك يقول تعالى مرة:{أَرْسَلْنَا ... }[الحديد: ٢٦] .
ومرة أخرى يقول:
{بَعَثْنَا}[النحل: ٣٦] .
وهناك فرق بين المعنيين ف {أَرْسَلْنَا} تفيد الإرسال، وهو: أن يتوسط مُرْسَل إلى مُرْسَل إليه. أما {بَعَثْنَا} فتفيد وجود شيء سابق اندثر، ونريد بعثه من جديد.
ولتوضيح هذه القضية نرجح إلى قصة آدم عليه السلام حيث عَلّمه الله الأسماء كلها، ثم أهبطه من الجنة إلى الأرض. وقال:{فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ}[البقرة: ٣٨] .
وقال في آية أخرى:{فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتبع هُدَايَ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يشقى}[طه: ١٢٣] .
إذن: هذا منهج من الله تعالى لآدم عليه السلام والمفروض أن يُبلِّغ آدم هذا المنهج لأبنائه، والمفروض في أبنائه أن يُبلِّغوا هذا المنهج لأبنائهم، وهكذا، إلا أن الغفلة قد تستحوذ على المبلِّغ للمنهج، أو عدم رعاية المبلِّغ للمنهج فتنطمس المناهج، ومن هنا يبعثها الله من جديد، فمسألة الرسالات لا تأتي هكذا فجأة فجماعة من الجماعات، بل هي موجودة منذ أول الخلق.