ونقف أمام مَلْحظ آخر في هذه الآية:{فَسِيرُواْ فِي الأرض فانظروا ... }[آل عمران: ١٣٧] .
وفي آية أخرى يقول:{قُلْ سِيرُواْ فِي الأرض ثُمَّ انظروا ... }[الأنعام: ١١] .
ليس هذا مجرد تفنُّن في العبارة، بل لكل منهما مدلول خاص، فالعطف بالفاء يفيد الترتيب مع التعقيب.
أي: يأتي النظر بعد السَّيْر مباشرة. . أما في العطف بثُم فإنها تفيد الترتيب مع التراخي. أي: مرور وقت بين الحدثَيْن، وذلك كقوله تعالى:{ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ ثُمَّ إِذَا شَآءَ أَنشَرَهُ}[عبس: ٢٢] .
وقول الحق سبحانه:
{فانظروا ... }[النحل: ٣٦] .
فكأن الغرض من السَّيْر الاعتبار والاتعاظ، ولا بُدَّ إذن من وجود بقايا وأطلال تدلُّ على هؤلاء السابقين المكذبين، أصحاب الحضارات التي أصبحتْ أثراً بعد عَيْنٍ.
وها نحن الآن نفخر بما لدينا من أبنية حجرية مثل الأهرامات مثلاً، حيث يفِد إليها السُّياح من شتى دول العالم المتقدم؛ لِيَروْا ما عليها هذه الحضارة القديمة من تطوُّر وتقدُّم يُعجزهم ويُحيّرهم، ولم يستطيعوا فَكّ طلاسِمه حتى الآن.