فالرسول رجل، ولكن إياك أنْ تقول: هو رجل مثْلي وبشر مثْلي. . لا هناك مَيْزة أخرى أنه يُوحَى إليه، وهذه منزلة عالية يجب أن نحفظها للأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
أي: إذا غابتْ عنكم هذه القضية، قضية إرسال الرسل من البشر ولا أظنها تغيب لأنها عامة في الرسالات كلها. وما كانت لتخفَى عليكم خصوصاً وعندكم أهل العلم بالأديان السابقة، مثل ورقة بن نوفل وغيره، وعندكم أهل السِّيَر والتاريخ، وعندكم اليهود والنصارى. . فاسألوا هؤلاء جميعاً عن بشرية الرسل.
فهذه قضية واضحة لا تُنكر، ولا يمكن المخالفة فيها. . وماذا سيقول اليهود والنصارى؟ . . موسى وعيسى. . إذنْ بشر.
وقوله تعالى:
{إِن كُنْتُم لاَ تَعْلَمُونَ}[النحل: ٤٣] .
يوحي بأنهم يعلمون، وليس لديهم شَكٌّ في هذه القضية. . مثل لو قلتَ لمخاطبك: اسأل عن كذا إنْ كنت لا تعرف. . هذا يعني أنه يعرف، أما إذا كان في القضية شَكٌّ فنقول: اسأل عن كذا دون أداة الشرط. . إذن: هم يعرفون، ولكنه الجدال والعناد والاستكبار عن قبول الحق.