عن المواجهة، وعلى قَدْر ما يكون المكْر عظيماً يكون الضعف كذلك.
وهذا ما نلحظه من قوله تعالى في حَقِّ النساء:{كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ. .}[يوسف: ٢٨] .
وقال في حَقِّ الشيطان:{إِنَّ كَيْدَ الشيطان كَانَ ضَعِيفاً}[النساء: ٧٦] .
فالمكر دليل على الضعف، وما دام كَيْدهُن عظيماً إذن: ضَعْفُهن أيضاً عظيم، وكذلك في كيد الشيطان.
وقديماً قالوا: إياك أنْ يملكَك الضعيف؛ ذلك لأنه إذا تمكَّن منك وواتَتْه الفرصة فلن يدعَكَ تُفلت منه؛ لأنه يعلم ضعفه، ولا يضمن أن تُتاحَ له الفرصة مرة أخرى؛ لذلك لا يضيعها على عكس القويّ، فهو لا يحرص على الانتقام إذا أُتيحَتْ له الفرصة وربما فَوَّتها لقُوته وقُدرته على خَصْمه، وتمكّنه منه في أيِّ وقت يريد، وفي نفس المعنى جاء قول الشاعر:
إذن: قدرة الضعفاء قد تقتل، أما قدرة القويّ فليستْ كذلك.
ثم لنا وقْفة أخرى مع المكْر، من حيث إن المكر قد ينصرك على مُساويك وعلى مثلك من بني الإنسان، فإذا ما تعرضْتَ لمن هو أقوى منك وأكثر منك حَيْطة، وأحكم منك مكْراً، فربما لا يُجدِي مكرُك به، بل ربما غلبك هو بمكْره واحتياطه، فكيف الحال إذا كَان الماكر بك هو ربِّ العالمين تبارك وتعالى؟