الأعلى ل «كُنْ» ، والظل آية من آياته سبحانه مُسخّرة له ساجدة خاضعة لقوله: كُنْ فيكون.
وقلنا: إن هناك فرقاً بين الشيء تُعِده إعداداً كَوْنياً، والشيء تُعِده إعداداً قدرياً. . فصانع القنبلة الزمنية يُعِدُّها لأنْ تنفجرَ في الزمن الذي يريده، وليس الأمر كذلك في إعداد الكون.
الكون أعدّه الله إعداداً قدرياً قائماً على قوله كُنْ، وفي انتظار لهذا الأمر الإلهي باستمرار (كن فيكون) .
لذلك يحلو لبعض الناس أن يقول: باقٍ للشمس كذا من السنين ثم ينتهي ضوؤها، ويُرتّب على هذا الحكم أشياء أخرى. . نقول: لا. . ليس الأمر كذلك. . فالشمس خاضعة للإعداد القدريّ منضبطةٌ به ومنتظرة ل «كُنْ» التي يُصغِي لها الكون كله؛ ولذلك يقول تعالى:{كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ}[الرحمن: ٢٩] .
هكذا بيَّنت الآية الكريمة أن كل ما يُقال له «شيء» يسجد لله عَزَّ وَجَلَّ، وكلمة «شيء» جاءت مُفْردة دالّة على العموم. . وقد عرفنا السجود فيما كلَّفنا الله به من ركن في الصلاة، وهو مُنْتَهى الخضوع، خضوع الذات من العابد للمعبود، فنحن نخضع واقفين، ونخضع راكعين، ونخضع قاعدين، ولكن أتمَّ الخضوع يكون بأنْ نسجدَ لله. . ولماذا كان أتمَّ الخضوع أن نسجدَ لله؟
نقول: لأن الإنسان له ذات عامة، وفي هذا الذات سيد للذات، بحيث إذا أُطلِق انصرف إلى الذات، والمراد به الوجه؛ لذلك حينما يعبّر الحق تبارك وتعالى عن فَنَاء الوجود يقول: