للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لماذا إذن يأبى الكون بسمائه وأرضه تحمُّل هذه المسئولية؟

نقول: لأن هناك فَرْقاً بين تقبُّل الشيء وقت تحمُّله، والقدرة على الشيء وقت أدائه. . هناك فَرْق. . عندنا تحمُّل وعندنا أداء. . وقد سبق أنْ ضربنا مثلاً لتحمُّل الأمانة وقُلْنا: هَبْ أن إنساناً أراد أن يُودع عندك مبلغاً من المال مخافة تبديده لتحفظه له لحين الحاجة إليه، وأنت في هذا الوقت قادر على التحمل وتنوي أداء أمانته إليه عند طلبها وذمَّتك قوية، ونيتك صادقة.

وهذا وقت تحمُّل الأمانة، فإذا ما جاء وقت الأداء، فربما تضطرك الظروف إلى إنفاق هذا المال، أو يعرض لك عارضٌ يمنعك من الأداء أو تتغيّر ذمتك.

إذن: وقت الأداء شيء آخر.

لذلك، فالذي يريد أنْ يُبريء ذمته لا يضمن وقت الأداء ويمتنع عن تحمُّل الأمانة ويقول لنفسه: لا، إن كنت أضمن نفسي وقت التحمل فلا أضمن نفسي وقت الأداء.

هذا مثال لما حدثَ من السماء والأرض والجبال حينما رفضت تحمُّل الأمانة، ذلك لأنها تُقدّر مسئوليتها وثقلها وعدم ضمان القيام بحقها، لذلك رفضت تحمُّلها من بداية الأمر.

وكذلك يجب أن يكون الإنسان عاقلاً عند تحمُّل الأمانات؛ ولذلك يقول تعالى: {وَحَمَلَهَا الإنسان إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً} [الأحزاب: ٧٢] .

<<  <  ج: ص:  >  >>