لذلك يقولون: إن الذي يصنع الخير قد يصنعه عاجلاً، فيعطي المحتاج مثلاً رغيفاً يأكله، وقد يصنعه مؤُجّلاً فيعطيه ما يساعده على الكسْب الدائم ليأكل هو متى يشاء من كسْبه.
والحق تبارك وتعالى أعطانا هذه الفكرة في سورة الكهف، في قصة ذي القرنين، قال تعالى:
فما داموا لا يفقهون قَوْلاً. . فكيف تفاهم معهم ذو القرنين، وكيف قالوا:{ياذا القرنين إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الأرض فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً على أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدّاً}[الكهف: ٩٤] .
نقول: الذي يريد أن يفعل الخير والمعروف يسعى إليه ويحتال للوصول إليه وكأنه احتال أنْ يفهمهم، وصبر عليهم حتى توصّل إلى طريقة للتفاهم معهم، في حين أنه كان قادراً على ترْكهم والانصراف عنهم، وحُجّته أنهم لا يفقهون ولا يتكلمون.
فلما أراد ذو القرنين أن يبني لهم السد لن يَبْنِ هو بنفسه، بل علَّمهم كيف يكون البناء، حتى يقوموا به بأنفسهم متى أرادوا ولا يحتاجون إليه. . فقال: