للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهكذا يأتي هذا الأمر ضرورة، وليس تفضَّلاً من أحد على أحد؛ لأن التفضُّل غير مُلْزَم به فليس كل واحد قادراً على أن يعطي دون مقابل، أو يعمل دون أجر. . إنما الحاجة هي التي تحكم هذه القضية.

إذن: ما الذي ربط المجتمع؟ هي الحاجة لا التفضُّل، وما دام العالم سيرتبط بالحاجة، فكل إنسان يرى نفسه فاضلاً في ناحية لا يغترّ بفاضليته، بل ينظر إلى فاضلية الآخرين عليه؛ وبذلك تندكُّ سِمَة الكبرياء في الناس، فكلٌّ منهما يُكمل الآخر.

وقد ضربنا لذلك مثلاً بالباشا الغني صاحب العظمة والجاه. . والذي قد تُلْجِئه الظروف وتُحوجه لعامل بسيط يُصلح له عُطْلاً في مرافق بيته، وربما لم يجده أو وجده مشغولاً، فيظل هذا الباشا العظيم نَكِداً مُؤرّقاً حتى يُسعفه هذا العامل البسيط، ويقضي له ما يحتاج إليه.

هكذا احتاج صاحب الغنى والجاه إلى إنسان ليس له من مواهب الحياة إلا أنْ يقضي مثل هذه المهام البسيطة في المنزل. . وهو في نفس الوقت فاضل على الباشا في هذا الشيء.

فالجميع إذن في الكون سواسية، ليس فينا مَنْ بينه وبين الله سبحانه نسب أو قرابة فيجامله. . كلنا عبيد لله، وقد نثر الله المواهبَ في الناس جميعاً ليتكاملوا فيما بينهم، وليظل كُلٌّ منهم محتاجاً إلى الآخر، وبهذا يتم الترابط في المجتمع.

وقد عُرِضَتْ هذه القضية في آية أخرى في قوله تعالى:

<<  <  ج: ص:  >  >>