وفي الآية نَهْي عن أن نُشبِّه الله سبحانه بشيء آخر؛ لأن الحق تبارك وتعالى واحدٌ في ذاته، واحد في صفاته، واحد في أفعاله. . إياك أن تقول عن ذات: إنها تشبه ذاته سبحانه، أو صفات تشبه صفاته سبحانه، فإنْ وجدت صفة لله تعالى يُوجد مثلها في البشر فاعلم أنها على مقياس. {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}[الشورى: ١١] .
فالحق سبحانه ينهانا أنْ نضرب له الأمثال، إنما هو سبحانه يضرب الأمثال؛ لأنه حكيم يضرب المثَل في محلّه لِيُوضّح القضية الغامضة بالقضية المشاهدة؛ ولذلك يقول تعالى:{وَلِلَّهِ المثل الأعلى. .}[النحل: ٦٠] .
أي: الصفة العليا في كل شيء، فإذا وجدتَ صفات مشتركة بينكم وبين الحق سبحانه فنزِّه الله عن الشبيه والنظير والنِّد والمثيل وقل:(ليس كمثله شيء) .
فأنت موجود والله موجود، ولكن وجودك مسبوقٌ بعدم ويلحقه العدم، ووجوده سبحانه لا يسبقه عدم ولا يلحقه العدم.
وقد ضرب الله لنا مثلاً لنفسه سبحانه لِيُوضِّح لنا تنويره سبحانه للكون، وليس مثَلاً لنوره كما نظنّ. . بل هو مثَل لتنويره لا لنوره.