للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{فِي بُيُوتٍ أَذِنَ الله أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسمه يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بالغدو والآصال رِجَالٌ ... } [النور: ٣٦ - ٣٧] .

وهكذا نجمع بين النور الحسيّ والنور المعنوي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ.

ولذلك، فأبو تمام حينما أراد أن يمدح الخليفة شبَّهه بمشاهير العرب في الشجاعة والكرم والحِلْم والذكاء، فقال:

إقْدام عَمْروٍ في سَمَاحَةِ حَاتِم ... فِي حِلْم أَحْنَفَ في ذَكَاءِ إِيَاسِ

فاعترض على هذا التشبيه أحد حُسَّاد أبي تمام، وقال له: كيف تُشبّه الخليفة بأجلاف العرب؟ ففي جيشه ألف واحد كعمرو، ومن خَزَنته ألف واحد كحاتم. . ولكن يخرج أبو تمام من هذا المأزق، ويُفلِت من هذا الفخ الذي نصبه له حاسده، قال على البديهة:

لاَ تُنكِرُوا ضَرْبي لَهُ مَنْ دُونَهُ ... مَثَلاً شَرُوداً في النَّدى والبَاسِ

فَاللهُ قَدْ ضربَ الأقَلَّ لِنُورِه ... مثَلاً مِنَ المشْكَاةِ وَالنِّبْراسِ

والحق سبحانه وتعالى وإنْ نهانا نحن أن نضربَ له مثلاً لِقلَّة عِلْمنا، فهو سبحانه القادر على ضَرْب الأمثال حتى بأقلّ المخلوقات، وأتفهها في نظرنا.

. فيقول تعالى: {إِنَّ الله لاَ يَسْتَحْى أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا ... } [البقرة: ٢٦] .

<<  <  ج: ص:  >  >>