للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَإِذَا أَرَادَ اللهُ نَشْرَ فَضِيلةٍ طُويَتْ ... أَتَاحَ لَهَا لِسَانَ حَسُودِ

لَوْلاَ اشْتِعالُ النَّارِ فِيمَا جَاورَتْ ... مَا كانَ يُعرَفُ طِيبُ عَرْفِ العُودِ

فانظر كيف وصل بالقضية المعنوية إلى قضية عامة يعرفها الرجل العادي، فقد يكون لديك فضيلة مكتومة مغمورة لا يعرفها أحد، حتى تتعرض لحاسد يتهمك ويُشوِّه صورتك، فإذا بالحقيقة تتكشف للجميع ويُظهر ما عندك من مواهب، وما لديك من فضائل. . وما أشبه ذلك بالعود طيب الرائحة الذي لا نشمُّ رائحته إلا إذا حرقناه.

وقد كان سبب هذا المثَل الشِّعريّ أن أحد أهل الخير كان يتردد من حين لآخر على أحد بُيوت البلدة وبها عجوز مُقْعدة في حاجة إلى مساعدة، فكان يساعدها بما يستطيع، وكان بجوارها منزل إحدى الجميلات التي قد تكون مطمعاً. . فاستغل أحد الحُسَّاد هذه الجيرة، واتهم الرجل الصالح بأنه يذهب إلى هذه الحسناء. . وفعلاً تتبعه الناس، فإذا به يذهب لبيت العجوز المقعدة. . ومن هنا عرف الناس عنه فضيلةً لم يكن يعرفها أحد.

وقد رأينا على مَرَّ التاريخ مَنِ اتهِمُوا ظلماً، وقيل في حقهم ما يندي له الجبين. . ثم أنصفهم القضاء العادل، وأظهر أنهم أبطال يستحقون التكريم، ولولا ما تعرضوا له من اتهام ما عرفنا مزاياهم ومكارمهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>