وتعتبرونه اختلافاً في الأسلوب هو منتهى الدقة في التعبير القرآني. . ذلك أن الحديث عن طائفتين: مُثنّى. . نعم. . فلو تقاتلا، هل ستمسك كل طائفة سَيْفاً لتقاتل الأخرى؟
لا. . بل سيُمسِك كُلُّ جندي منها سَيْفاً. . فالقتال هناك بالمجموع. . مجموع كل طائفة لمجموع الطائفة الأخرى، فناسب أن يقول: اقتتلوا؛ لأن القتال حركة ذاتية من كُلّ فرد في الطائفتين.
فإذا ما جاء وقت الصُلّح، هل نصالح كل جندي من هذه على كل جندي من هذه؟ لا. . بل الصُّلْح شأْنُ السادة والزعماء والقادة لكل طائفة، ففي الصُّلْح نعود للمثنى، حيث ينوب هؤلاء عن طائفة، وهؤلاء عن طائفة، ويتم الصُّلْح بينهما.
إذن: اختلاف الضمير هنا آية من آيات الإعجاز البياني؛ لأن المتكلم هو الحق سبحانه وتعالى.
وقوله:{الحمد لِلَّهِ ... }[النحل: ٧٥] .
كأن الحق سبحانه يقول: الحمد لله أنْ وافقَ حُكْمكم ما أريد، فقد نطقتُم أنتم وحكمتُمْ.
{بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ}[النحل: ٧٥] .
قوله: أكثرهم لا يعلمون يدل على أن الأقلية تعلم، وهذا ما يُسمُّونه «صيانة الاحتمال» ؛ لأنه لما نزلَ القرآن الكريم كان هناك جماعة من الكفار ومن أهل الكتاب يُفكّرون في الإيمان واعتناق هذا الدين، فلو نفى القرآن العلم عن الجميع فسوف يُصدَم هؤلاء،