سيئة واحدة عنده كانت مستورة، فسو فترى هذه السيئة كفيلة بأن تُزهِّدك في كل حسناته وتُكرِّهك فيه، وتدعوك إلى النُّفْرة منه، فلا تستفيد منه بشيء، في حين لو سُترتْ عنك هذه السيئةُ لاستطعت الانتفاع بحسناته. . وهكذا يُنمي الغيبُ الفائدةَ في الكون.
وفي بعض الآثار الواردة يقول الحق سبحانه:«يا ابْنَ آدمَ سترْتُ عنك وسترْتُ مِنك، فإنْ شئتَ فضحْنَا لك وفضحناك، وإنْ شئت أسبلنَا عليك سِبالَ السِّتر إلى يوم القيامة» فاجعل نفسك الآن المخاطب بهذا الحديث، فماذا تختار؟
أعتقد أن الجميع سيختار الستْر. . فما دُمْتَ تحب الستر وتكره أنْ يطلعَ الناس على غَيْبك فإياك أنْ تتطاول لتعرفَ غَيْب الآخرين.
والغيب: هو ما غاب عن المدركات المحسَّة من السمع والبصر والشَّمِّ والذَّوْق، وما غاب عن العقول من الإدراكات المعنوية.
وهناك غيْب وضع الله في كونه مقدمات تُوصِّل إليه وأسباباً لئلا يكونَ غَيْباً. . كالكهرباء والجاذبية وغيرها. . كانت غَيْباً قبل أنْ تُكتشفَ. . وهكذا كل الاكتشافات والأسرار التي يكشفها لنا العلم، كانت غَيْباً عنّا في وقت، ثم صارت مُشَاهدة في وقت آخر.
ذلك، لأن الحق سبحانه لا ينثر لنا كُلَّ أسرار كَوْنه مرة واحدة، بل يُنزِله بقَدرٍ ويكشفه لنا بحساب، فيقول سبحانه:{وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ}