فإذا أذنَ الله لهم تكشفتْ لهم الأسرار: إما بالبحث، وإما بالخطأ، أو حتى بالمصادفة. . فطالما حان وقت ميلاد هذا الغيْب واكتشافه؛ فإن صادف بَحْثاً من البشر التقيا، وإلاَّ أظهره الله لنَا دون بَحْث ودون سَعْي مِنَّا.
وهناك نوع آخر من الغيب، وهو الغَيْب المطلق، وهو غَيْب عن كل البشر استأثر الله به، وليس له مُقدِّمات وأسباب تُوصَّل إليه، كما في النوع الأول. . هذا الغَيْب، قال تعالى في شأنه:{عَالِمُ الغيب فَلاَ يُظْهِرُ على غَيْبِهِ أَحَداً إِلاَّ مَنِ ارتضى مِن رَّسُولٍ ... }[الجن: ٢٦ - ٢٧] .
فإذا ما أعلمنا الرسول غَيْباً من الغيبيات فلا نقول: إنه يعلم الغيب. . لأنه لا يعلم إلا ما أعلمه الله من الغيب. . إذن: هذا غَيْب لا يدركه أحد بذاته أبداً.
ومن هذا الغَيْب المطلق غَيْبٌ استأثر الله به، ولا يُطلع عليه أحداً حتى الرسل. . «ولما سُئِل الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عن الساعة، قال:» ما المسئول عنها بأعلم من السائل «.
وفي الإسراء والمعراج يحدثنا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أن الله قد أعطاه ثلاثة أوعية: وعاء أمره بتبليغه وهو وعاء الرسالة، ووعاء خَيَّره فيه فلا يعطيه إلا