للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يعني: نحن الذين صنعناها وأقمناها. فكيف جعلها الله لنا؟ .

نقول: وأنت كيف صنعتها؟ ومِمَ بنيْتها؟ صنعتَها من غابٍ أو خشب، أو بنيْتها من طين أو طوب. . كل هذه المواد من مادةَ الأرض من عطاء الله لك، وكذلك العقل الذي يُفكّر ويرسم، والقوة التي تبني وتُشيّد كلها من الله.

إذن: {جَعَلَ لَكُمْ} إما أنْ يكون جَعْلاً مباشراً، وإما أنْ يكون غير مباشر. . فالله سبحانه جعل لنا هذه المواد. . هذا جَعْل مباشر، وأعاننا وقوّانا على البناء. . هذا جَعْلٌ غير مباشر.

لكن في أيّ الأماكن تُبنى البيوت؟

البيوت لا تُبنَى إلا في أماكن الاستقرار، التي تتوفّر لها مُقوّمات الحياة. . فقبل أن نُنظّم مدينة سكنية نبحث أولاً عن مُقوّمات الاستقرار فيها من مأكل ومشرب ومرافق وخدمات ومياه وصرف. . إلى آخره.

فإن وجدت هذه المقوّمات فلا مانعَ من البناء هنا. . فإذا لم توجد المرافق في الصحراء ومناطق البدو، هنا لا يناسبها البيوت والبناء الدائم، بل يناسبها:

{وَجَعَلَ لَكُمْ مِّن جُلُودِ الأنعام بُيُوتاً تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ. .} [النحل: ٨٠] . فنرى أهل البدو يتخذون من الجلود بُيُوتاً مثل الخيمة والفسطاط. . حيث نراهم كثيري التنقُّل يبتغون مواطن الكلأ والعشب، ويرحلون طَلباً للمرعى والماء، وهكذا حياتُهم دائمة التنقّل من مكان

<<  <  ج: ص:  >  >>