وهذه مجموعة من النواهي تمثل مع الأوامر السابقة منهجاً قرآنياً قويماً يضمن سلامة المجتمع، وأُولى هذه النواهي النهي عن الفحشاء أو الفاحشة، والمتتبع لآيات القرآن الكريم سيجد أن الزنا هو الذنب الوحيد الذي سماه القرآن فاحشة، فهي إذن الزنا، أو كل شيء يخدش حُكْماً من أحكام الله تعالى، ولكن لماذا الزنا بالذات؟
نقول: لأن كل الذنوب الأخرى غير الزنا إنما تتعلق بمحيطات النفس الإنسانية، أما الزنا فيتعلَّق بالنفس الإنسانية ذاتها، ويترتب عليه اختلاط الأنساب وبه تدنَسُ الأعراض، وبه يشكُّ الرجل في أهله وأولاده، ويحدث بسبب هذا من الفساد ما لا يعلمه إلا الله؛ لذلك نصَّ عليه القرآن صراحة في قوله تعالى:{وَلاَ تَقْرَبُواْ الزنى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَآءَ سَبِيلاً}[الإسراء: ٣٢] .
ومن أقوال العلماء في الفاحشة: أنها الذنب العظيم الذي يخجل صاحبه منه ويستره عن الناس، فلا يستطيع أنْ يُجاهر به، كأنه هو نفسه حينما يقع فيه يعلم أنه لا يصحّ، ولا ينبغي لأحد أن يطلع عليه.
(والمنكر) هو الذنب يتجرّأ عليه صاحبه، ويُجاهر به، ويستنكره الناس.
إذن: لدينا هنا مرتبتان من الذنب:
الأولى: أن صاحبه يتحرَّج أن يعرفه المجتمع فيستره في نفسه، وهذا هو الفحشاء.