نذهب بعيداً؟ إننا عندما نتتبع كيفية النشأة الجماعية للأطفال في إسرائيل فالبحوث العلمية تؤكد على أن الأطفال يعيشون في بؤس رهيب لدرجة أن التبول اللاإرادي ينتشر بينهم حتى سن الشباب.
وكيف يغيب عن بالنا أن الطفل يظل حتى تصل سنه إلى عامين أو أكثر وهو يطلب ألا يشاركه في أمه أحد، حتى وإن كان أخاً له فهو يغار منه فما بالك بأطفال متعددين تقوم امرأة ليست أمهم برعايتهم؟ ولا يغني عن حنان الأم حنان مائة مربية؛ فليس للمربيات جميعاً قلب الأم التي ولدت الطفل، فالحنانُ الذي تعطيه الأم ليس حناناً شكلياً ولا وظيفياً، ولكنه طبيعة حياة خلقها الله لتعطي العطاء الصحيح، لذلك لابد من إعطاء الطفل فترة يشعر فيها بأن أمه التي ولدته له وحده، ولا يشاركه فيها أحد حتى لو كان أخا له، وتمر عليه فترة بعد أن يخرج من مهد الطفولة الأولى إلى الشارع ليجد حركة الحياة، ويجد القائمين على حركة الحياة هم الرجال وآباء أمثاله من الأطفال فيجب بعد ذلك أن ينسب إلى أب له كيان معروف في المجتمع الخارجي.
فمن مقومات تكوين الطفل أن يشعر أن له أمّاً لا يشاركه فيها أحد، وأن له أباً لا يشاركه فيه أحد. وإن شاركه فيهما أحد فهم إخوته ويضمهم ويشملهم جميعا حنان الأم ورعاية الأب. لقد اعترف أهل العلم بتربية الأطفال أن احتياج الطفل لأمه هو احتياج هام وأساسي للتربية لمدة عامين وبضعة من الشهور، والحق تبارك وتعالى حين أنزل على رسوله قبل أربعة عشر قرناً من الآن؛ القول الحكيم الصادق بين هذه الحقيقة واضحة في أجلى صورها:{وَوَصَّيْنَا الإنسان بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاَثُونَ شَهْراً حتى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أوزعني أَنْ أَشكُرَ نِعْمَتَكَ التي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وعلى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذريتي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ المسلمين}[الأحقاف: ١٥]